مئات- وربما آلاف- الكتب التي كتبها مسلمون عن النبوات والرسالات التي سبقت رسالة محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام-، ولم يستغرب أحدٌ صدور هذا الكمِّ الهائل من المؤلفات التي تناولت هذه الرسالات وقادتها ورموزها بالحبِّ والإجلال والتعظيم والتقدير.. ذلك أن قرآن المسلمين قد جاء مصدقًا بين يديه من كتاب -مطلق الكتاب-.. ونبي الإسلام والمؤمنون به لا يفرِّقون بين أحد من رسل الله.. والوحي القرآني يُعلِّم المؤمنين به أنهم جزءٌ من الأمة الجامعة لكل من آمن بجميع الأنبياء والمرسلين على امتداد تاريخ النبوات والرسالات.
كذلك شهدت مكتبة الاستشراق العديد من الدراسات التي أنصفت رسول الإسلام ورسالة الإسلام.. والتي كتبها هؤلاء المستشرقون «بعقولهم» المُنْصِفَة، وليس «بقلوبهم» المحبة؛ لأنهم ظلوا على دياناتهم التي لا تعترف بالإسلام.
أما هذا الكتاب -الذي كتبه الدكتور نظمي لوقا- فلقد جاء فريدًا، وربما غير مسبوق.. فكاتبه قد كتبه بعقله وقلبه وعواطفه وكل كيانه.. فالعدل الذي تناول به صاحب هذا الكتاب رسالة الإسلام ورسول الإسلام قد تجاوز «العدل المنطقي والعقلاني» إلى حيث جَمَع بين هذا اللون من العدل والإنصاف وبين عدل القلب والعاطفة والمحبة والوجدان.
ومن هنا كانت قراءة هذا الكتاب.. بل وقراءة كاتب هذا الكتاب.
ويزيد من قراءة هذا الكتاب أنه لم يكن ثمرة للحظة سريعة وعابرة.. وإنما جاء حصيلة دراسة عميقة، استمرت عشر سنوات، الرسالة الإسلام والرسول الإسلام.. وأنها لم تقف عند هذا الكتاب، وإنما أثمرت بناءً فكريًّا كبيرًا، تمثَّل في العديد من الكتب الإسلامية التي أبدعها هذا "الكاتب – الفيلسوف" الفريد.